جبران خليل جبران و كتاب البدائع و الطرائف
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
جبران خليل جبران و كتاب البدائع و الطرائف
مقتطفات من كتاب البدائع والطرائف للكاتب جبران خليل جبران
------------
ما صعدت عقبة حرجة الا بلغت سهلا اخضراً
-----------
ان ما نراه بأعيننا ليس بأكثر من غمامة تحجب عنا ما يجب ان نشاهده ببصائرنا
----------
يا أخي لا تستدل على حقيقة امرىء بما بان منه ..
ولا تتخذ قول امرىء او عملا من اعماله عنوانا لطويته ..
فرب من تستهجله لثقل في لسانه وركاكة في لهجته كان وجدانه منهاجاً للفطن
وقلبه مهبطاً للوحي و رب من تحترقه لدمامة في وجهه وخساسة في عيشه
كان في الارض هبة من هبات السماء وفي الناس نفحة من نفحات الله
----------
ليتني كنت بئراً جافاً والناس ترمي بي الحجارة فذلك اهون من ان اكون ينبوع ماء حي والظامئون يجتازونني ولا يستقون
----------
ليس التقدم بتحسين ما كان .. بل بالسير نحو ما سيكون
----------
عين الانسان مجهر تبين له الدنيا اكبر مما هي حقيقة
-----------
الحماسة بركان ولا تنبت على قمته اعشاب التردد
----------
وعظتني نفسي فعلمتني ان لا اطرب لمديح ولا اجزع لمذمة ..
وقبل ان تعظني نفسي كنت مرتاباً في قيمة اعمالي وقدرها حتى تبعث اليها بمن يقرظها او يهجوها ..
اما الان فقد عرفت ان الاشجار تزهر في الربيع وتثمر في الصيف ولا مطمع لها بالثناء ..
وتنثر اوراقها في الخريف وتتعرى في الشتاء ولا تخشى الملامة
-------------
الملل هو الاحتضار في صورة النعاس .. والموت في شكل النوم
-------------
حياتك يا أخي منزل منفرد بعيد عن جميع المنازل والاحياء
-------------
المحدود من الناس مطبوع على حب المحدود من الحياة ..
وشحيح البصر لا يرى غير ذراع من السبيل الذي تطأه قدماه ..
وذراع من الحائط الذي يسند اليه ظهره
المواكب
جبران خليل جبران
المواكب
الخيرفي الناس مصنوعٌ اذا جُبروا
و الشرُّ في الناس لا يفنى و إِن قبروا
و أكثر الناس آلاتٌ تحركها
أصابع الدهر يوماً ثم تنكسرُ
فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ
و لا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ
فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها
صوت الرعاة و من لم يمشِ يندثر
* * *
ليس في الغابات راعٍ لا و لافيها القطيعْ
فالشتا يمشي و لكن لا يُجاريهِ الربيعْ
خُلقَ الناس عبيداً للذي يأْبى الخضوعْ
فإذا ما هبَّ يوماً سائراً سار الجميعْ
* * *
أعطني النايَ و غنِّ فالغنا يرعى العقولْ
و أنينُ الناي أبقى من مجيدٍ و ذليلْ
* * *
و ما الحياةُ سوى نومٍ تراوده
احلامُ من بمرادِ النفس يأتمرُ
و السرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ
فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ
و السرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ
فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ
فإن ترفعتَ عن رغدٍ و عن كدرِ
جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ
* * *
ليس في الغابات حزنٌ لا و لا فيها الهمومْ
فإذا هبّ نسيمٌ لم تجىءْ معه السمومْ
ليس حزن النفس الاَّ ظلُّ وهمٍ لا يدومْ
و غيوم النفس تبدو من ثناياها النجومْ
* * *
أعطني الناي و غنِّ فالغنا يمحو المحنْ
و أنين الناي يبقى بعد أن يفنى الزمنْ
* * *
و قلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما
تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرْ
لذلك قد حوَّلوا نهر الحياة الى
أكواب وهمٍ اذا طافوا بها خدروا
فالناس ان شربوا سُرَّوا كأنهمُ
رهنُ الهوى و عَلىَ التخدير قد فُطروا
فذا يُعربدُ ان صلَّى و ذاك اذا
اثرى و ذلك بالاحلام يختمرُ
فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها
و ليس يرضى بها غير الألى سكروا
فإن رأَيت اخا صحوٍ فقلْ عجباً
هل استظلَّ بغيم ممطر قمرُ
* * *
ليس في الغابات سكرٌ من مدامِ او خيالْ
فالسواقي ليس فيها غير اكسير الغمامْ
انما التخدير ُ ثديٌ و حليبٌ للانامْ
فاذا شاخوا و ماتوا بلغوا سن الفطامْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ فالغنا خير الشرابْ
و أنين الناي يبقى بعد أن تفنى الهضاب
* * *
و الدين في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ
غيرُ الأولى لهمُ في زرعهِ وطرُ
من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ
و من جهول يخافُ النارَ تستعرُ
فالقومُ لولا عقاب البعثِ ما عبدوا
رباًّ و لولا الثوابُ المرتجى كفروا
كأنما الدينُ ضربٌ من متاجرهمْ
إِن واظبوا ربحوا او اهملوا خسروا
* * *
ليس في الغابات دينٌ لا و لا الكفر القبيحْ
فاذا البلبل غنى لم يقلْ هذا الصحيحْ
إنَّ دين الناس يأْتي مثل ظلٍّ و يروحْ
لم يقم في الأرض دينٌ بعد طه و المسيح
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا خيرُ الصلاة
و أنينُ الناي يبقى بعد ان تفنى الحياةْ
* * *
و العدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا
بهِ و يستضحكُ الاموات لو نظروا
فالسجنُ و الموتُ للجانين إن صغروا
و المجدُ و الفخرُ و الإثراءُ إن كبروا
فسارقُ الزهر مذمومٌ و محتقرٌ
و سارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطر
و قاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ
و قاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ
* * *
ليس في الغابات عدلٌ لا و لا فيها العقابْ
فاذا الصفصاف ألقى ظله فوق الترابْ
لا يقول السروُ هذي بدعةٌ ضد الكتابْ
انَّ عدلَ الناسِ ثلجُ إنْ رأتهُ الشمس ذابْ
* * *
اعطني الناي و غنِ فالغنا عدلُ القلوبْ
و أنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوبْ
* * *
و الحقُّ للعزمِ و الارواح ان قويتْ
سادتْ و إن ضعفتْ حلت بها الغيرُ
ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ
بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا
و في الزرازير جُبن و هي طائرة
و في البزاةِ شموخٌ و هي تحتضر
و العزامُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره
عزمُ السواعد شاءَ الناسُ ام نكروا
فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى
قوم اذا ما رأَوا اشاههم نفروا
* * *
ليس في الغابات عزمٌ لا و لا فيها الضعيفْ
فاذا ما الأُسدُ صاحت لم تقلْ هذا المخيفْ
انَّ عزم الناس ظلٌّ في فضا الفكر يطوفْ
و حقوق الناس تبلى مثل اوراق الخريفْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا عزمُ النفوسْ
و أنينُ الناي يبقى بعد أن تفنى الشموسْ
* * *
و العلمُ في الناسِ سبلٌ بأنَ أوَّلها
امَّا اواخرها فالدهرُ و القدرُ
و أفضلُ العلم حلمٌ ان ظفرت بهِ
و سرتَ ما بين ابناء الكرى سخروا
فان رأيتَ اخا الاحلام منفرداً
عن قومهِ و هو منبوذٌ و محتقرُ
فهو النبيُّ و بُرد الغد يحجبهُ
عن أُمةٍ برداءِ الأمس تأتزرُ
و هو الغريبُ عن الدنيا و ساكنها
و هو المهاجرُ لامَ الناس او عذروا
و هو الشديد و إن ابدى ملاينةً
و هو البعيدُ تدانى الناس ام هجروا
* * *
ليس في الغابات علمٌ لا و لا فيها الجهولْ
فاذا الأغصانُ مالتْ لم تقلْ هذا الجليلْ
انّ علمَ الناس طرَّا كضبابٍ في الحقولْ
فاذا الشمس اطلتْ من ورا آلافاقِ يزولْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ فالغنا خير العلومْ
و أنينُ الناي يبقى بعد أن تطفى النجومْ
* * *
و الحرُّ في الأرض يبني من منازعهِ
سجناً لهُ و هو لا يدري فيؤتسرْ
فان تحرَّر من ابناءِ بجدتهِ
يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ
فهو الاريب و لكن في تصلبهِ
حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ
و هو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ
حتى الى اوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ
* * *
ليس في الغابات حرٌّ لا و لا العبد الدميمْ
انما الأمجادُ سخفٌ و فقاقيعٌ تعومْ
فاذا ما اللوز القى زهره فوق الهشيمْ
لم يقلْ هذا حقيرٌ و انا المولى الكريمْ
* * *
اعطني الناي و غني فالغنا مجدٌ اثيلْ
و أنين الناي ابقى من زنيمٍ و جليلْ
* * *
و اللطفُ في الناسِ اصداف و إن نعمتْ
أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ
فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ
من العجين و أُخرى دونها الحجرُ
و من خفيفٍ و من مستأنث خنثِ
تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ
و اللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ
ان راعهُ وجلٌ او هالهُ الخطرُ
فان لقيتَ قوياًّ ليناً فبهِ
لأَعينٍ فقدتْ ابصارها البصرُ
* * *
ليس في الغابِ لطيفٌ لينهُ لين الجبانْ
فغصونُ البان تعلو في جوار السنديانْ
و اذا الطاووسُ أُعطي حلةً كالارجوانْ
فهوَ لا يدري أحسنْ فيهِ ام فيهِ افتتان
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا لطفُ الوديعْ
و أنين الناي ابقى من ضعيفٍ و ضليعْ
* * *
و الظرفُ في الناس تمويهٌ و أبغضهُ
ظرفُ الأولى في فنون آلاقتدا مهروا
من مُعجبٍ بأمورٍ و هو يجهلها
و ليس فيها له نفعٌ و لا ضررُ
و من عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكاً
في صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُ
و من شموخٍ غدت مرآتهُ فلكاً
و ظلهُ قمراً يزهو و يزدهرُ
* * *
ليس في الغابات ظريف ظرفهُ ضعف الضئيلْ
فالصبا و هي عليل ما بها سقمُ العليلْ
انّ بالانهار طعماً مثل طعم السلسبيلْ
و بها هولٌ و عزمٌ يجرفُ الصلدَ الثقيلْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا ظرفُ الظريفْ
و أنين الناي ابقى من رقيق و كثيفْ
* * *
و الحبُّ في الناس أشكالٌ و أكثرها
كالعشب في الحقل لا زهرٌ و لا ثمرُ
و أكثرُ الحبِّ مثلُ الراح ايسرهُ
يُرضي و أكثرهُ للمدمنِ الخطرُ
و الحبُّ ان قادتِ الاجسامُ موكبهُ
الى فراش من الاغراض ينتحرُ
كأنهُ ملكٌ في الاسر معتقلٌ
يأبى الحياة و أعوان له غدروا
* * *
ليس في الغب خليعٌ يدَّعي نُبلَ الغرامْ
فاذا الثيران خارتْ لم تقلْ هذا الهيامْ
انَّ حبَّ الناس داءٌ بين حلمٍ و عظامْ
فاذا ولَّى شبابٌ يختفي ذاك السقامْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ فالغنا حبٌّ صحيحْ
و أنينُ الناي ابقى من جميل و مليحْ
* * *
فان لقيتَ محباً هائماً كلفاً
في جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُ
و الناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسى
يبغي من الحبِّ او يرجو فيصطبرُ
أَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُ
و ليس في تلك ما يحلو و يعتبرُ
فقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدوا
أنَّى دروا كنهَ من يحيي و ما اختبروا
* * *
ليس في الغابات عذلٌ لا و لا فيها الرقيبْ
فاذا الغزلانُ جُنّتْ اذ ترى وجه المغيبْ
لا يقولُ النسرُ واهاً ان ذا شيءٌ عجيبْ
إنما العاقل يدعى عندنا الأمر الغريبْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا خيرُ الجنون
و أنين الناي ابقى من حصيفٍ و رصينْ
* * *
و قل نسينا فخارَ الفاتحينَ و ما
ننسى المجانين حتى يغمر الغمرُ
قد كان في قلب ذى القرنين مجزرةٌ
و في حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُ
ففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْ
و في انكساراتِ هذا الفوزُ و الظفرُ
و الحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُ
كالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ
* * *
ليس في الغابات ذكرٌ غير ذكر العاشقينْ
فالأولى سادوا و مادوا و طغوا بالعالمين
اصبحوا مثل حروفٍ في أسامي المجرمينْ
فالهوى الفضّاح يدعى عندنا الفتح المبينْ
* * *
اعطني الناي و غنّ و انس ظلم الأقوياء
انما الزنبق كأسٌ للندى لا للدماء
* * *
و ما السعادة في الدنيا سوى شبحٍ
يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً
حتى اذا جاءَهُ يبطي و يعتكرُ
لم يسعد الناسُ الا في تشوُّقهمْ
الى المنيع فان صاروا بهِ فتروا
فإن لقيتَ سعيداً و هو منصرفٌ
عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ
* * *
ليس في الغاب رجاءٌ لا و لا فيه المللْ
كيف يرجو الغاب جزءا و عَلىَ الكل حصلْ
و بما السعيُ بغابٍ أَملاً و هو الأملْ
انما العيش رجاءً إِحدى هاتيك العللْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ فالغنا نارٌ و نورْ
و أنين الناي شوقٌ لا يدانيهِ الفتور
* * *
و غايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ
فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ
فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ
حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ
كأنما هي أثمار إذا نضجتْ
و مرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ
و ذا يقول هي الأجسام ان هجعت
لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ
كأنما هي ظلٌّ في الغدير اذا
تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الاثرُ
ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ
تُثوى و لا هي في الارواح تختضرُ
فما طوتْ شمألٌ اذيال عاقلةٍ
الاّ و مرَّ بها الشرقيْ فتنتشرُ
* * *
لم اجدْ في الغاب فرقاً بين نفس و جسدْ
فالهوا ماءٌ تهادى و الندى ماءٌ ركدْ
و الشذا زهرٌ تمادى و الثرى زهرٌ جمدْ
و ظلالُ الحورِ حورٌ ظنَّ ليلاً فرقدْ
* * *
اعطني النايَ و غنِّ فالغنا جسمٌ وروح
و أنينُ الناي ابقى من غبوق و صبوحْ
* * *
و الجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِ
حتى البلوغِ فتستعلى و ينغمرُ
فهي الجنينُ و نا يوم الحمام سوى
عهدِ المخاض فلا سقطٌ و لا عسرُ
لكن في الناس اشباحاً يلازمها
عقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُ
فهي الدخيلةُ و الأرواح ما وُلدت
من القفيل و لم يحبل بها المدرُ
و كم عَلَى الارض من نبتٍ بلا أَرجٍ
و كم علا الافقَ غيمٌ ما به مطرُ
* * *
ليس في الغاب عقيمٌ لا و لا فيها الدخيلْ
إنَّ في التمر نواةً حفظت سر النخيلْ
و بقرص الشهد رمزٌ عن فقير و حقولْ
انما العاقرُ لفظ صيغ من معنى الخمولْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا جسمٌ يسيلْ
و أنينُ الناي ابقى من مسوخ و نغولْ
* * *
و الموتُ في الأرض لابن الارض خاتمةٌ
و للأثيريّ فهو البدءُ و الظفرُ
فمن يعانق في احلامهِ سحراً
يبقى و من نامَ كل الليل يندثرُ
و من يلازمُ ترباً حالَ يقظتهِ
يعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُ
فالموتُ كالبحر , مَنْ خفّت عناصره
يجتازه , و أخو الاثقال ينحدرُ
* * *
ليس في الغابات موتٌ لا و لا فيها القبور
فاذا نيسان ولىَّ لم يمتْ معهُ السرورْ
إنَّ هولِ الموت وهمٌ ينثني طيَّ الصدورْ
فالذي عاش ربيعاً كالذي عاش الدهورْ
* * *
اعطني الناي و غنِّ فالغنا سرُّ الخلود
و أنين الناي يبقى بعد ان يفنى الوجود
* * *
اعطني الناي و غنِّ وانس ما قلتُ و قلتا
انما النطقُ هباءٌ فأفدني ما فعلتا
هل تخذتَ الغاب مثلي منزلاً دون القصورْ
فتتبعتَ السواقي و تسلقتَ الصخورْ
هل تحممتَ بعطرٍ و تنشقت بنورْ
و شربت الفجر خمراً في كؤُوس من اثيرْ
هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنبْ
و العناقيد تدلتْ كثريات الذهبْ
فهي للصادي عيونٌ و لمن جاع الطعامْ
و هي شهدٌ و هي عطرٌ و لمن شاءَ المدامْ
هل فرشتَ العشب ليلاً و تلحفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأْتي ناسياً ما قد مضى
و سكوت الليل بحرٌ موجهُ في مسمعكْ
و بصدر الليل قلبٌ خافقٌ في مضجعكْ
اعطني الناي و غنِّ و انسَ داًْ و دواء
انما الناس سطورٌ كتبت لكن بماء
ليت شعري اي نفعٍ في اجتماع و زحامْ
و جدالٍ و ضجيجٍ و احتجاجٍ و خصامْ
كلها انفاق خُلدٍ و خيوط العنكبوتْ
فالذي يحيا بعجزٍ فهو في بطءٍ يموتْ
* * *
العيشُ في الغاب و الأيام لو نُظمت
في قبضتي لغدت في الغاب تنتثر
لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ
فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ
و للتقادير سبلٌ لا تغيرها
و الناس في عجزهم عن قصدهم قصروا
منال سخي- مشرف
- عدد المساهمات : 17
تاريخ التسجيل : 17/12/2010
الموقع : بانياس الساحل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى